الثلاثاء، 29 أبريل 2014

استرسال .. (2)

الحديث عن نظريات المؤامرة الكونية هو حديث ذو شجون، و مجال واسع للجدل العقيمة، والنقاشات التي لن تصل إلى أي شيء، ببساطة ﻷنه لا شيء يمكن إثباته بشكل قطعي. كل ما هنالك مجموعة من الأحداث الفردية، أو مجموعة من المعتقدات الخاصة، يتم إسقطها على النظرية التي تريد.

في أحداث السفارة اﻷمريكية التي وقعت في إيران 1979، وقعت مجموعة من اﻷوراق الهامة جداً، وتفريغ محاضر اجتماعات على أعلى مستوى في الحكومة اﻷمريكية، في أيدي مجموعة الطلبة الذين اقتحموا السفارة. بعد ذلك بثلاثين عاماً، يكتب أحدهم عن محتوى هذه اﻷوراق، والتي نكتشف فيها مدى تخبط القائمين في دوائر الحكم اﻷمريكية، وعدم قدرتهم على تحديد موقفهم من الثورة في إيران.

إذا كنت لا تعرف القصة، فدعني أرويها لك من ذاكرتي المنهكة، باختصار.

الخميس، 17 أبريل 2014

استرسال .. (1)

يستخدم بعض الروائيين والصحفيين أحياناً تقنية تسمح له بتجنب التحقيق في صحة ما يقول عن طريق تضمين المحتوى ما يمنع أصلاً التحقق منه، كأن يقول إنها معلومات غاية في السرية، وقد سمعها من مصدر مطلع، لا يمكنه البوح باسمه. فهنا يقطع على القارئ بداية القدرة على تتبع المعلومة، ويبقى القارئ بعدها بين أن يصدق أو يكذب، دون إسناد حقيقي.

هذه التقنية نفسها دائماً ما ترافق نظريات المؤامرة بجميع أشكالها، فهذا عالم سري لا يمكن سبر أغواره.. منظمات سرية، وأناس يعملون في الظلام.. فهل يمكنك حقاً أن تمسك بطرف الخيط؟ في الواقع كلا، وهذا هو مكمن قوة نظريات المؤامرة. حينما لا يمكنك الاستوثاق من المعلومة، فأنت تفتح باباً كبيراً أمام المتكلم/الكاتب ليقول كل ما يريد، دون حول لك ولا قوة.

هذا أيضاً يفتح باباً أكبر لإسقاط كل شيء وتحليله بما يتراءى للكاتب، فهذا الحادث الصغير هو جزء من المؤامرة الكبيرة، ولكنكم لا تعلمون.

هذه التقنية استخدمها الكثير من الكتاب على مر العصور، وأذكر جيداً كيف أن نبيل فاروق قد استغل اختفاء غواصة نووية روسية في المحيط (حدث حقيقي) لينسج قصة من قصص أدهم صبري حول الحدث، وكيف أن الخبر كله كان تلفيقاً لإخفاء حقيقة أن أدهم هو من اختطف الغواصة لإنقاذ منى (أو شيء من هذا القبيل، لا أذكر التفاصيل كلها).

الثلاثاء، 18 مارس 2014

المثقفون والسلطة!

العنوان مقتبس من كتاب "المثقفون والسلطة في مصر" لكاتبه غالي شكري. ولكن المقال لا يتعرض للكتاب.

التاريخ يكتبه المنتصر. هذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها، وفهمها جيداً. والمنتصر لا يكتب التاريخ بأن يسطره في كتب، وإنما يفرض سطوته على المثقفين والمؤخرين والكتاب، الذين ينقسمون في سلوكهم إلى ثلاثة أقسام رئيسة: من ينضوي تحت لواء المنتصر، ويكتب ما توافق عليه السلطة، فيضمن بذلك انتشار كتاباته، ووصولها إلى الجميع تحت الوصاية والشرعية التي يكتسبها النظام القائم. وهذا القسم لا يوافق بالضرورة على ما يحدث، وليس يمجد بالضرورة شخص المنتصر وأفكاره واتجاهاته، ولكن في أحيان كثيرة هو يحاول الإمساك بالعصا من منتصفها، فيتجنب الحديث عما يزعج السلطان، ويمعن في الحديث عما ليس "به حرج".. وهذا أخطر في نظري من التمجيد للسلطان. فهذه الكتابات ـ حينما ترى طريقها إلى أجيال جديدة ـ تكون منقوصة، مع ما لها من مصداقية في مقابل الكتابات التي كانت تمدح وتمجد.

القسم الثاني هم من يناضلون ضد التيار السائد، ويتحدون سلطة المنتصر. هؤلاء يسجنون، ويعذبون، ويتهمون بأبشع التهم. والتاريخ مليء بأمثال هؤلاء، ممن اتهم بالزندقة، أو العمالة، أو السحر أو الشعوذة .. إلى آخر تلك التهم التي تتغير بتغير الزمان، لكنها في النهاية تخدم هدفاً واحداً: عزل المفكرين عن مجتمعهم بإثارة الحقد والكراهية بين الكاتب وعامة الناس، فلا يعودوا يتلقون منه ما يكتب (أو مايقول)، ثم "حرقه" تماماً، سواء حرفياً او معنوياً.

القسم الثالث هم من يختار العزلة بنفسه. فينأى بعيداً، يتخذ "قصراً عاجياً" يعيش فيه، وربما يتلاقى مع أقرانه في صالونات ثقافية أو منتديات مغلقة، يتدارسون ويتناقشون، يسجلون امتعاضهم من الأنظمة القائمة، في لقاءات مغلقة، لن يخرج منها للنور شيء. يحللون الأوضاع، ويضعون الحلول التصورية، هائمين في عالمهم الخاص.

وإذن، يمكن أن أقول أن المفكر في ظل نظام منتصر أمامه أحد أمرين لا ثالث لهما: أن يندمج في النظام، سواء بالتلون أو المواراه، أو أن ينسحب وينعزل، اختيارياً أو جبرياً.

وعلى مر التاريخ استخدمت الأنظمة الطاردة للمفكرين مجموعة من الأدوات والتكنيكات لدفع المفكرين للعزلة. أكثرها وضوحاً ومباشرة هو الاعتقال والسجن وتلفيق التهم والقتل... ولكن تبقى هناك مجموعة أخرى من التقنيات الأقل وضوحاً ومباشرة.

من هذه التقنيات تعزيز الجهل المجتمعي وتسليط الضوء عليه، حتى يشعر المفكر باليأس، ويفقد القدرة على المتابعة، فاقداً الثقة في مجتمعه وإمكانية الإصلاح بالكلية. فنشر الخزعبلات، والآراء التي تفتقد إلى أبسط مباديء المنطق، يدفع المفكرين دفعاً إلى الانسحاب من المشهد، حيث يرون أن هؤلاء لا يستحقون أصلاً عناء الجدال والمناقشة ومحاولة تفنيد تلك الآراء بشكل علمي منطقي، فضلاً عن اليأس الذي يصيب من يحاول مجرد الاقتراب من الخزعبلات، والتي في غالبها تدور في فلك "التابو" أو أحلام البسطاء وطموحاتهم.

تخيل نفسك وأنت تحاجج "جو نيومان" الذي اخترع آلة تنتج كهرباء لانهائية، أمام مجموعة من العامة الذين يتوقون إلى طاقة أرخص! هل تعتقد أن منهم من سيفتح آذانه ليسمعك وأنت تتلو قوانين الفيزياء الأساسية، ناهيك عن أن يفتح لك عقله؟

وضعك سيكون في أفضل أحواله حينها إذا تركك الناس وغادروا، صامين آذانهم عما تقول. ولكن الأرجح أنك ستتهم بالعمالة لشركات الطاقة الكبرى التي تمتص دم المطحونين، والتي ترفض السماح لمثل هذه الآلات أن تخرج إلى النور، فتقلل أرباحها. ستتهم أيضاً بالعمالة للحكومات التي تعمل لصالح الشركات والمؤسسات، ضد مصلحة شعوبها. ستتهم بالعمالة لكل ما هو ضد مصلحة العامة، وتدمج في كل نظريات المؤامرة الموجودة، حتى ولو تناقضت فيما بينها. فهل أنت على استعداد لذلك؟! النتيجة في الحالتين هي أن المجتمع سيلفظك.. فلم لا تنسحب في هدوء، مفضلاً الوصول إلى نفس النتيجة دون "بهدلة"؟

المشكلة الأكبر أن ذاكرة العامة متطايرة، قصيرة الأجل، كذاكرة السمكة.. لكن بعض الأشياء تعلق بها، ولا تغادرها.. سينسون الآلة الكهربية، أو يقنعون أنفسهم بأن المتآمرون قد نجحوا في وأدها.. ولكنهم لن ينسوا عمالتك.. قد يتذكرون أو لا يتذكرون الجهة التي كنت تتآمر معها، لكنهم سيظلون واثقين من حقيقة واحدة، هي أن عميل ومتآمر على مصالحهم.

الأنظمة اللافظة للمفكرين تعي هذا جيداً، وتستغله إلى أكثر مدى ممكن.. تذكر معي كيف اشتغلت إذاعاتٌ بأخبار انتصارات غير منطقية ولا توافق أبسط قواعد توازنات القوى المعلنة وغير المعلنة في حرب 1967.. العوام تصفق، تنبهر، تمتليء بالأمل .. أو بالأحرى تتعلق بالأمل.. حتى مع عدم منطقيته، ومع عدم صموده إذا عرض على أبسط قواعد المنطق.. 

من يقولون بأن هذا تلفيق هم أعداء الأمة، هم الطابور الخامس الذي يعمل على هدم المعنويات. إنهم حاقدون، مغيبون أو موجهون..

بعد الهزيمة بسنوات، يتذكر الناس أن هؤلاء كانوا عملاء .. لماذا؟ هم لا يذكرون تحديداً، ولكن العميل سيظل عميلاً. يكفيأنه قد نال اللقب مرة، دون أن أذكر لماذا، حتى يعلق اللقب به للأبد.

يتعلقون بآمال جديدة، و يتناسون أن من يمنحهم هذه الآمال الجديدة هم أنفسهم مانحوا آمال الأمس.

أنى للمفكر أن يصمد في وجه هذا الصلف والممناعة، مدعومة بالإغراق في الجهل والتجهيل؟

السبت، 25 يناير 2014

نظرية مؤامؤة: Eurabia يورابيا


Eurabia يورابيا، أو ببعض التصرف "عوروبا"، هو مصطلح اشتقته الكاتبة جيزيل ليتمان في بدايات القرن للتعبير عن نظرية مؤامرة مفادها أن قوى عربية، مدعومة ببعض خونة الداخل اﻷوروبي، بهدف أسلمة و تعريب أوروبا، و القضاء على الهوية اﻷوروبية، و بالتالي إضعاف التحالف اﻷمريكي اﻹسرائيلي عن طريق إخراج أوروبا من هذا التحالف.

جيزيل ليتمان، الملقبة أيضاً بـ"بات ياور" (בת יאור تعني ابنة النيلن بالعبرية)، هي إنجليزية يهودية، ولدت في القاهرة 1933، وغادرت مصر مع عائلتها بعد حرب 1956. و يعد كتابها Eurabia: The Euro-Arab Axis (أورابيا: المحور اﻷوروبي العربي) المنشور في 2005 هو المرجع اﻷم لكل المنظرين لهذه النظرية. هذا الكتاب يقدم تعريفاً للمصطلح كما يلي:

أورابيا هي حقيقة جغرافية سياسية، تشكلت في 1973 من خلال نظام من التحالفات الغير رسيمة بين دول المجموعة اﻷوروبية التسعة (والتي تحولت لاحقاً في 1992 إلى الاتحاد اﻷوروبي) من جهة، و بين الدول العربية المتوسطية من جهة أخرى. تمت هذه الاتفاقيات و التحالفات على المستوى السياسي اﻷعلى لكل دولة من التسع اﻷوروبية، مع ممثل المفوضية الأوروبية، مع نظرائهم من الدول العربية، و مندوب الجامعة العربية. و قد تم تنسيق هذه التحالفات تحت سقف جمعية سميت "الحوار العربي اﻷوروبي"، أنشئت في باريس، في يوليو 1974.”

الخميس، 29 أغسطس 2013

صدام حسين و المسيح الدجال و أشياء أخرى ....

الفكرة تظل فكرة

و العقيدة تظل عقيدة

و الأمل يظل أملاً ...

في التسعينيات، فترة المراهقة و الشباب، كانت هناك عدة أفكار تتصارع بداخلي، تمحور الكثير منها حول فكر المؤامرة الكونية. قرأت كتباً مثل (الخيوط الخفية بين المسيح الدجال و مثلث برمودا و الأطباق الطائرة) .. شاهدت مسلسلات مثل إكس فايلز X-Files، بموسيقاه المميزة.. قرأت كتباً عن العلاقة الخفية بين إيران و الماسونية و أمريكا، و كيف أن هذا التحالف الشيعي الماسوني الصهيوأمريكي يريد السيطرة على العالم، و أنهم هم من خططوا لاحتلال العراق تمهيداً لاحتلال الخليج، ثم باقي العالم..

قرأت كثيراً من الأدبيات عن الحكومة الواحدة التي تحكم العالم، تحرك كل شيء من بعيد، تمهيداً لظهورها، و إعلان العالم كله دولة واحدة تسير في خط موحد.. أدبيات تبدأ من "آلة الزمن The Time Machine"، و "1984"، و لا تنتهي عند الكثير من الأعمال التي حولت فيما بعد إلى أفلام سينمائية كبيرة ..

سمعت كثيراً عن الحكومات الكافرة الموالية لصهيون، و آمنت بفكرة إقامة دولة إسلامية كبيرة، تحت قيادة رشيدة، تقود إلى نهضة كتلك التي قرأت عنها في كتب التاريخ، "حينما كانت الأمة الإسلامية رائدة كل شيء، بينما أوروبا تقبع تحت ظلمات الظلمات" .. تعاطفت فعلاً مع فكر الجماعات الإسلامية في مصر، و كنت أبرر بيني و بين نفسي ما يفعلوه بأنه شر لا بد منه للتخلص من الخونة..

فرحت كثيراً لمحاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا، و حزنت كثيراً لنجاته من المحاولة.. و أعجبت كثيراً بذلك المقطع ثلاثي الأبعاد الذي يشرح محاولة الاغتيال على mbc، و كانت وقتها في بداياتها ..

كنت أستيقظ كل يوم على صوت الـBBC و برنامج مخصص لأسئلة المستمعين، بل إني كنت في مرحلة ما بين النوم و الاستيقاظ أستمع لإجاباتهم عن أحداث الحرب العالمية الأولى، أو الثانية، أو أشهر الاغتيالات، أو غيرها، كنت أعيش تلك الأحداث كما يصفها المذيع في حلم واقعي شديد الوضوح..

عشت أوقات ظهور قناة الجزيرة .. إنها قناة كاذبة .. إنها قناة صادقة .. إنها قناة محايدة .. إنها قناة غير محايدة .. عشت أوقاتاً كانت فيها الـBBC و راديو مونت كارلو "محطاتٍ صادقة، تنقل لنا ما يحدث في الداخل، بأفضل مما لو كنا نعايش الحدث ذاته" .. و أوقات كانت فيها "محطات مسيسة تحاول النيل منا و تشويش الفكر الجمعي للشعوب" .. سمعت الصحاف و هو يصف جنود الأمريكان بالعلوج .. و كيف أنهم يهربون أمام أشاوس الجيش العراقي كالنعاج .. تساءلت كثيراً، و تساءل غيري عن معنى "علوج" .. و اختلفت الآراء كثيراً .. شاهدت الصحاف و هو يصف "الجزيرة" و الـCNN و BBC بأنها تنشر الأكاذيب لاحباط همة الشعوب .. ثم شاهدت بغداد و هي تسقط، و الصحاف و هو يهرب، بعد خطاب من خطابات "العلوج" بسويعات قليلة .. بعد "إنهم ينتحرون على أسوار بغداد" .. رغم أن بغداد لم يكن لها أسوار!

رأيت قرى الأكراد و شعوبها ملقاة على الأرض بعد أن ضربهم صدام بـ"الكيماوي"، ثم محاولة صدام إثارة الشعوب على حكوماتها "الخائنة العميلة" .. خطاب مبارك الشهير "بمب شم النسيم" و "ما أنا قولتله ... دي أمرييييييكا .. أمريكا!" .. تهديداته بضرب إسرائيل، و السعودية .. ثم سقوطه..

كل هذا و الكثير غيره، كان يمكن ببساطة شديدة نسبه لنظرية المؤامرة العالمية .. هؤلاء يكرهون الإسلام .. لمجرد أنهم يكرهون الإسلام .. هؤلاء يكرهون العرب .. لمجرد أنهم يكرهون العرب .. هؤلاء كلهم تحالفوا علينا، و تحالفت معهم حكوماتنا "الخائنة العميلة" (بصوت صدام حسين).. كل هؤلاء يعملون لصالح "أنكل سام"، رمز حكومة الظل في أمريكا، و التي تحرك كل شيء في العالم.. و "أنكل سام" نفسه، ما هو إلا "السامري" في قصة موسى عليه السلام، حين قال له موسى: "قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس" .. هو هو المسيح الدجال .. ملك آخر الزمان.. الذي يحضر العالم لاستقباله..

هو هو الحكومة الخفية الموحدة التي ستدير العالم، من وراء ستار، ثم في العلن ..

هو هو حائك المؤامرات ..

هو هو ملك اليهود .. و زعيم الماسونية العالمية ..

و هؤلاء الذين يقاتلونه، سيقال عنهم أنهم إرهابيون، رجعيون، أو أية أوصاف أخرى.. المهم أنهم هم "الأشرار"..

هم هم الذين يعيشون خارج العالم الذي نعهده .. في الكهوف .. في أنفاق المترو المهجورة ..

هم هم الأناركية .. و سكان الـUnderground ..

هم هم المناضلون ضد الاستبداد في كل مكان .. فالاستبداد واحد، و مصدره واحد .. و هدفه واحد .. القضاء على العملاق النائم .. و الخروج إلى العلن بحكومة عالمية واحدة ..

هم هم الجماعات الإسلامية في مصر ..

هم هم الجماعات المسلحة في الجزائر ..

هم هم حماس ..

هم هم حزب الله ..

هم هم القاعدة ..

هم هم كل هذه المجموعات التي تناضل ضد الشر .. ضد الشيطان الأكبر .. في انتظار خروج المهدي، الذي سيجمع لواءاتهم المختلفة تحت راية واحدة ..

لم يكن حزب الله وقتها "الأشرار الشيعة"، بل المناضلون ضد الصهيونية ..

عندما تهاوى برجا التجارة العالمية، هللت ..

إنه رمز للشيطان الأكبر ..

إن الخير ينتصر على الشر ..

تماماً مثلما حدث عندما تهاوى الاتحاد السوفييتي .. هو أيضاً الشيطان الأكبر ..

***

من أجمل و ألطف ما في نظرية المؤامرة العالمية تلك، أن كل شيء يمكن تفسيره بسهولة مطلقة .. و سطحية شديدة .. فهناك أشرار .. و هناك طيبون ..

تماماً مثل القصص التي كانوا يحكونها لنا صغاراً .. الشرير ذو المظهر الـ......."شرير" .. لا أجد كلمة غيرها، و الطيب ذو المظهر الطيب ..

كل شيء يمكن تفسيره هكذا .. كل حرب فيها ممثل عن جبهة الخير، و ممثل عن جبهة الشر ..

كل مصيبة تحدث، هي من تدبير الأشرار .. لماذا؟ لأنهم أشرار ..

الأشرار أكثر حذقاً .. أكثر دهاءاً .. أكثر تنظيماً .. أبعد تخطيطاً .. و لكن الأخيار سينتصرون في النهاية .. لماذا؟ لأنهم الأخيار .. أليس هذا سبباً كافياً؟

حتى التحولات التي يمكن أن تجد أنها صعبة التفسير، هي في الأصل أبسط مما يجب ..

فصدام مثلاً حينما ضرب الأكراد بالكيماوي، و حينما احتل الكويت .. بل حينما اغتصب السلطة في العراق "على ظهر دبابة أمريكية" .. كان شريراً ..

و لكنه تاب بعد ذلك، و تحول إلى الأخيار حينما أطلق صاروخين باتجاه تل أبيب ..

إنها التوبة .. الأشرار يمكن ان يتحولوا إلى أخيار في صحوة ضمير ..

***

كان هذا من وقت مضى .. و أعترف أني كنت ساذجاً جداً، و لكنها طبيعة المرحلة العمرية ..

و لكن ما يحزنني حقاً أن هناك الكثيرون، بل و الكثيرون جداً الذين يفكرون بهذه الطريقة .. بهذه السطحية ..

و أتذكر اقتباساً من كتاب (أسلحة صامتة لحروب هادئة)

"لو توجهت بالحديث إلى شخص وكأنه في الثانية عشر من عمره أو أقل، فإنه سيميل بنسبة احتمالية معينة ـ بسبب الإيحاء ـ إلى الاستجابة وتبني ردود أفعال ومنطق شخص في الثانية عشر من عمره أو أقل"....


... و لكن أليس هذا دليلاً على نظرية المؤامرة العالمية الكونية؟!


#نظريةمؤامرة

الأحد، 30 سبتمبر 2012

مصر في أرقام - إنفوجراف

الأرقام لا تكذب! هكذا علمونا صغاراً.

وبمناسبة الأحاديث الكثيرة التي تثار هذه الأيام حول مصر، والنهضة، وإمكانية هذا الأمر، أو عدم إمكانيته، إلخ .. رأيت أن أجمع مجموعة من المعلومات الرقمية من مصادر موثوقة، وأضمنها في إنفوجراف (رسوم بيانية)، تضع مصر في ورقة واحدة!

ولكن كثرة المعلومات وتنوعها حال دون أن تكون جميعها في ورقة واحدة، فبدأت بورقة عامة، وأتبعها ـ إن شاء الله ـ بمجموعة أخرى متخصصة، واحدة في كل مجال.

المصادر التي اعتمدتها تراوحت بين معلومات منشورة في "كتاب المخابرات الأمريكية لحقائق العالم CIA Factbook" و الويكيبيديا (ولو بشكل أقل)، وكالة معلومات الطاقة الأمريكية، وبالتأكيد منشورات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء. هذه الأرقام هي أرقام الإحصاءات الخاصة بالعام 2011 وأول العام 2012.

الرسم البياني موجود بصيغة PDF على هذا الرابط.


السبت، 1 سبتمبر 2012

محاولات "النهضة": رؤية مبرمج

أذكر أنه في الثمانينيات كانت هناك دعوات كثيرة لتأهيل وتدريب الشباب من أجل إقامة صناعة معلوماتية، تدر دخلاً وتضع مصر في مصاف الدول المصدرة. ولكن هذا لم يحدث. بل إني أذكر مقارنة شهيرة في منتصف التسعينيات بين صناعة البرمجيات في مصر والهند؛ فقد كانت صادرات الهند من البرمجيات تبلغ مائتي مليون دولار سنوياً، بينما مقدار صادرات مصر في نفس الفترة من البرمجيات حوالي مليونين ونصف المليون دولار. وكنت حينها شاباً صغيراً أحلم بقطعة من الكعكة، فتعلمت البرمجة بدءاً من سن التاسعة، وتحمست بشدة لكل دعوات "النهضة البرمجية" التي كان يطلقها الجميع في ذلك الوقت. وقد كانت الفكرة واضحة جداً وبسبطة جداً: فأنت لا تحتاج لأكثر من جهاز كمبيوتر ودماغ مبدعة لإنشاء صناعة برمجيات عظيمة.

وكما جاءت فترة الستينيات والسبعينيات، وكنا نتحسر على فوات فرصتنا للحاق باليابان التي بدأت بناء نهضتها معنا بعد الحرب العالمية الثانية؛ ثم جاءت التسعينيات فبدأنا نتحسر على عدم قدرنا على بناء نهضة مماثلة للنمور الآسيوية؛ الذين بدأوا محاولات بناء اقتصاد قوي مع محاولاتنا للنهضة الصناعية في الستينيات، ثم بدأنا المقارنة التالية في بدايات القرن الحالي مع الصين، التي يدأت مشوارها في الثمانينيات؛ نعض اليوم أصابع الندم على صناعة البرمجيات، وكيف أصبحت الهند رائدة في هذا المجال، الذي بدأناه معها في نفس التوقيت.

اليوم يمكنني بسهولة أن أقول إن جهاز كمبيوتر في يد شخص مبدع، لا ينتج صناعة. لإنتاج صناعة برمجيات حقيقية نحتاج إلى عمل مؤسسي، نحتاج إلى المبدعين بالتأكيد، ولكن من خلال مؤسسة تخطط، وتضع أهدافاً استراتيجية، وتدعم، وتوجه. نحتاج إلى مراكز بحثية حقيقية، لبحث احتياجات السوق، نحتاج إلى علماء في الرياضيات والفيزياء والهندسة لصياغة النماذج التي يعمل عليها المبرمجون المبدعون.

وبمناسبة التقطة الأخيرة، أذكر أن واحداً من أشهر المواقع الهندية التعليمية وأكثرها انتشاراً حول العالم كله، وهو موقع "أكاديمية خان" نشأ أساساً لتعليم المبرمجين علوم الرياضيات بشكل قريب من طريقة فهمهم وتفكيرهم. فقد علموا أن البرمجة الحقيقية هي تطبيق نماذج المحاكاة الرياضية، وليس مجرد عمل البرامج التي تخزن وتسترد مجموعة من البيانات.

كل هذا يحتاج إلى وجود توجه عام في الدولة ومؤسساتها، مدعوماً بخبرات العلماء وتمويل رجال الأعمال والصناعة الذين لا يسعون إلى الربح السريع؛ وذلك لتحقيق الاستفادة من طاقات الإبداع لدى الشباب الموهوب. وبدون ذلك، فلا أمل.

قبل أن أنهي هذا الحديث، أحب أن أذكر تجربة كادت أن تكون ناجحة، وهي تجربة "صخر". وصخر هي إحدى شركات "العالمية"، مجموعة اقتصادية كبيرة مملوكة لمستثمر كويتي. استطاعت صخر تحقيق المعادلة الصعبة، وكانت تنتج برامج حقيقية، وليس مجرد واجهات لمجموعة من البيانات. بل إني أدعي أنه لولا مساهمات "صخر" في البرمجيات العربية لما كان أكثرنا يقرأ هذه الكلمات اليوم. فنماذج محاكاة اللغة من أمثال محرك النحو ومحرك الصرف، كانا من الجودة بما يكفي لإنتاج مصحح إملائي وآخر نحوي لا يعتمدان على قاعدة بيانات للكلمات، بل يمتدان إلى "فهم" تكوين الكلام ذاته. صخر اليوم لا تنتج برمجيات للمستخدم، وذلك لعدم الجدوى الاقتصادية، فبعد عقود من البحث والتطوير، لم تلق الدعم الكافي بسبب عدم وجود توجه مؤسسي من الساسة وأرباب وضع الاستراتيجيات.

posted from Bloggeroid